مولد الحبيب

من طرف The-End الأحد سبتمبر 12, 2010 3:52 am

بعد أن اشتدت ظلمة الدنيا ..
وعم الفساد ..
ونسي الإنسان أنه إنسان ..
فسجد للشمس والقمر ..
وسجد للشجر ..
والحجر والبقر ..
وهانت عليه نفسه ..
وفسد ذوقه وحسه ..
وابتلع القوي الضعيف ..
وخاف العبيد ..
من العبيد ..
وانتشرت نوادي الخمور ..
والخلاعة والفجور ..
وأصبحت العقول فارغة ..
والقلوب قاسية ..
تقاتل وتقتل
لأتفه الأسباب
وتدفن البنات أحياء
وقلَّ الحياء
وانتهك الملوك كل الحرمات
وأصبح الظلم ظلمات
وسار أبرهة بجيشه الهمام
ليهدم البيت الحرام
ولم يقم في طريقه
من يحمي بيت الله
فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل
ورمتهم بحجارة من سجيل
وتساقطت أنامل أبرهة
وفر كالفرخ الضعيف
وكان الناس قد اتخذوا الأحبار والرهبان أربابا من دون الله
يأكلون أموال الناس بالباطل
ويصدون عن سبيل الله
.........
بعد أن اشتدت ظلمة الدنيا
وعم الفساد
ونسي الإنسان أنه إنسان
ضجت الأرض بالضلالة
والغواية
واشتاقت الدنيا لأنوار الهداية
وفي يوم اثنين من ربيع الأول
تنفس الصبح نسمات الأمل
وأطلت جبال مكة على بوادر النور
وهدأت أمواج البحار
وحبست الأسماك أنفاسها
وسكنت النملة في جحرها
تصغي كلها
للحظة ميلاد الهدى
وتصلي على معلم الناس الخير
........
تشرفت الدنيا بنور الحبيب
كانت آمنة في حملها بالحبيب
آمنة مطمئنة
لبشارة سبقت لها
أنها تحمل سيد هذه الأمة
سيد الأولين
والآخرين
وضعته آمنة بلا تعب
ولا وهن
ولا نصب
وضعته في دار المولد
دار محمد بن يوسف
امتلأ البيت بالنور
واقتربت النجوم
حتى كادت تقع على الحبيب
.......
أرسلت آمنة لجده عبد المطلب
تبشره بقدوم الحبيب
فأقبل عبد المطلب مهرولا
فأخذه
واحتضنه
وملأ عينيه من حِبه
وابن حِبه
واتجه به إلى الكعبة
ووضعه في جوف الكعبة
ووقف يدعو ويشكر
وسماه محمدا
ليُحمَد في الأرض
كما هو محمود في السماء
.......
وبعد مولده بقليل
أرسله جده إلى الصحراء
ليشتد عوده
ويستقيم لسانه
ويبتعد عن أمراض الحواضر
يرى السماء فوقه في كل حين
ويرى الليل حين يغشى
والنهار إذا تجلى
فطلب له المرضعات
فرفضنه ليتمه
ورددنه لفقره
وكانت حليمة
ضعيفة هزيلة
وعندها حمارة صغيرة
وشاة لطيفة
الحمارة الصغيرة جائعة
والشاة ليس فيها قطرة لبن
ولحليمة ابن يصرخ من شدة الألم
ليس بصدرها ما ترضعه
ولا بالشاة ما يصبره
وكل أصحابها رجعوا بأطفال للرضاعة
وتركوها وحيدة
مهمومة حزينة
فقالت لزوجها ما باليد حيلة
وما بقي لنا إلا اليتيم
فقبلته
وقَبلته
وأخذته
وما أن وضعته في حجرها
إلا وتدفق اللبن إلى صدرها
فأرضعت الحبيب حتى روى
وأرضعت ابنها حتى روى
والتفت زوجها
إلى الشاة الصغيرة
فإذا ضرعها قد انتفخ باللبن
وهبت عليهم نسائم الخيرات
وتغيرت الدنيا من حولهم
فقال والله يا حليمة
لقد أخذنا نسمة مباركة